واشنطن تراجع ملفات 233 ألف لاجئ: إجراءات صارمة تعيد رسم سياسة الهجرة الأمريكية
في خطوة تعكس توجهاً أكثر تشدداً في سياسة الهجرة الأمريكية، أطلقت إدارة الرئيس دونالد ترامب عملية واسعة لمراجعة الوضع القانوني لمئات آلاف اللاجئين الذين سُمح لهم بدخول الولايات المتحدة خلال فترة حكم الرئيس السابق جو بايدن، في قرار اعتبرته منظمات حقوقية تحولاً جذرياً قد يُعيد تشكيل برامج إعادة التوطين بالكامل.
ووفقاً لتقرير نشرته وكالة رويترز، فقد صدرت في نوفمبر الماضي مذكرة تطالب دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية بإعادة التدقيق في ملفات نحو 233 ألف لاجئ، من خلال إخضاعهم لمقابلات جديدة، وتعليق طلباتهم للحصول على الإقامة الدائمة لحين انتهاء المراجعة الشاملة.
وتُعد هذه الخطوة، بحسب المنظمات المدافعة عن حقوق اللاجئين، الأوسع منذ عقود، وتمثل تهديداً مباشراً لاستقرار مئات الآلاف الذين أنهوا بالفعل جولات مطولة ومعقدة من الفحوص الأمنية والطبية قبل قبولهم في برامج الحماية.
المنظمات الحقوقية أبدت استياءً كبيراً من هذه التطورات، مؤكدة أن القرارات الجديدة تستهدف فئات شديدة الضعف، أمضت سنوات طويلة في إجراءات التدقيق.
ووصف مارك هيتفيلد، رئيس منظمة HIAS، الخطوة بأنها "قساوة غير مسبوقة"، مشيراً إلى أن مجرد التلويح بسحب الوضع القانوني قد يخلّف آثاراً نفسية واقتصادية خطيرة على اللاجئين، فضلاً عن إهدار موارد ضخمة من أموال دافعي الضرائب بإعادة فحص ملفات سبق تدقيقها.
وفي سياق متصل، واصلت إدارة ترامب نهجها المتشدد تجاه برامج اللجوء، حيث خفضت السقف السنوي لقبول اللاجئين إلى 7,500 فقط العام المقبل، مع منح أولوية للاجئين البيض من جنوب أفريقيا، وذلك رغم غياب أي أدلة رسمية أو دولية تدعم ادعاءات الرئيس حول تعرضهم لـ"إبادة جماعية". وتوسعت الانتقادات لتشمل الاتهامات بإعادة تشكيل سياسة الهجرة على أسس تمييزية وعنصرية، لاسيما مع توجه الإدارة إلى تفضيل اللاجئين الأوروبيين والمتحدثين باللغة الإنجليزية.
كما ألغت الإدارة خلال العام عدداً من عقود التعاون مع منظمات إعادة التوطين، الأمر الذي أدى إلى تراجع كبير في قدراتها التشغيلية. وعلى مستوى أوسع، تسعى الإدارة لاتخاذ خطوات أشد خارج نطاق برنامج اللاجئين، من بينها إلغاء وضع الحماية المؤقتة (TPS) لمهاجرين من دول تعاني أزمات سياسية وأمنية، وكان آخرهم القادمون من ميانمار.
هذه التطورات أثارت مخاوف بين المهاجرين الحاصلين على الجنسية الأمريكية، الذين باتوا يخشون أن تمتد الإجراءات الجديدة إلى ملفاتهم أيضاً، خاصة مع تصريحات رسمية تشير إلى نية البيت الأبيض إعادة النظر في حق المواطنة بالولادة.
وتأتي هذه التحركات في إطار رؤية سياسية تهدف إلى إعادة هيكلة منظومة الهجرة بكاملها، وإحياء القيود المشددة التي طبقتها إدارة ترامب الأولى، عندما هبطت أعداد قبول اللاجئين إلى أدنى مستوياتها تاريخياً. ومع تصاعد وتيرة الإجراءات، تتزايد المخاوف من أن الولايات المتحدة تتجه نحو سياسة "هجرة انتقائية" قد تقوض التزاماتها الإنسانية وتفتح الباب على أزمات اجتماعية وقانونية ممتدة.



